الإهمال (( خطر عظيم أصاب الأمة )) بقلم : د. أسامة فخري الجندي
الإهمال (( خطر عظيم أصاب الأمة ))
بقلم : د . أسامة فخري الجندي
الباحث في شئون الدعوة والإمام والخطيب بوزارة الأوقاف
في طليعة المسائل التي تشغل الأمة الآن زيادة الحوادث الضارة المتكررة نتيجة الإهمال ، ولا ريب أن حوادث السير ، وما تحدثه وسائل المواصلات المختلفة من سيارات وقطارات ونحوها من أضرار بالأرواح والممتلكات أثناء سيرها ، وما يحدثه الإنسان عن طريق الخطأ يندرج تحت ما يسميه القانونيون بجرائم الإهمال .
إن حوادث الطرق حربٌ مدمرة ، تنزف فيها الدماء ، حرب معلنة ليس فيها إلا كاسب واحد هو الإهمال .
إننا إذا أردنا أن نقترب قليلاً من مفهوم الإهمال ، سنجد أننا دائمًا ما نتعجب من مريض يترك دواءه وهو يتألم ، ومن تلميذ يترك مذاكرة دروسه مع قرب موعد الاختبار ، والسؤال هنا : لم التعجب ؟ لأن مثل تلك الأفعال لا تتفق أبدًا مع ما كان يجب أن يحدث ، فنحن نستنكر كل هذا ، وهو بعينه ما نطلق عليه الإهمال . وهو مرض منتشر بيننا ، وكل منا قد أخذ حظه من هذا المرض .
إنه يجب على الجهات المعنية وقبلهم الأفراد جميعًا أن يبحثوا منع الأسباب المؤدية لهذا الاستهتار المتكرر بحياة البشر ، وأن يتم إصدار قانون يُجرّم مثل ذلك الإهمال ويعاقٍب عليه .
إن من تسبب – نتيجة إهماله – في موت نفس إنسانية ، فعليه الضمان ، أي ضمان كل ضرر يلحق بالمتوفى وبأهله ، والسؤال : كم يد تشابكت على الحقيقة في قتل النفس الإنسانية بواسطة الإهمال ؟؟
الإهمال وانعدام المسئولية
إن ما تستقبله المستشفيات والمقابر ، وما نسمعه ونراه من أناس قد أصيبوا ببعض الأضرار البالغة كقطع الأيدي أو بتر الأرجل أو كسرٍ لعظم أو غير ذلك ، كل ذلك في حقيقته هو بسبب التهور وعدم المسئولية ، إن كل راع مسئول عن رعيته ، وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « كلكم راع ومسؤول عن رعيته »
إن من أسباب الإهمال : عدم المبالاة ، والانحراف عن العمل الموكول إليه تنفيذه ، والتقصير في العمل ، والكسل عن القيام به ، وعدم الشعور بالمسئولية .
إن الإهمال والتهور وعدم التبصر والتحرز الذي يسبب الضرر بالغير يستحق العقوبة المناسبة كما تنص بذلك القواعد العامة للشريعة . والسؤال الآن : كم هم ضحايا هذا الإهمال ؟
رسالة إلى السائقين
وهذه رسالة إلى السائقين في كل مكان التزموا آداب دينكم ، فالسير الآمن مقصدٌ من مقاصد الشريعة ووصفٌ بارز من صفات عباد الرحمن: { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً } [الفرقان:63] وأدب رفيع من آداب القرآن الكريم: { وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً } [الإسراء:37].